في حوارٍ خاص.. الفائز بالمركز الأول في الإنشاد محمد الروني يروي تفاصيل رحلته في المنافسة وأكثر ..ويؤكد: مهرجان الرسول الأعظم هو الأنجح في  الساحة لارتباطه بسمو رسول الله

هناك شاعرٌ يكتب للرسول بحب، وهنا منشدٌ يبتكر الألحان، ليغرد بأعذب الكلمات في عشق المصطفى، على مرأى ومسمع العالم الذي بعث الله الرسول الأكرم رحمة له، ومع إطلالة ربيع النور، يكون الناس على موعد مع مهرجان الرسول الأعظم للإبداع الثقافي، الذي يجود بخلاصة جهوده في تخريج المبدعين في الشعر والمسرح والإنشاد، وما أجمل أن ينطلق المبدعون من مقام المصطفى، ليحلقوا نجوماً لا يطالها اليأس، ونحن هنا لنقف معكم عند تفاصيل قصة إبداعية، فارسها هو الفائز بالمركز الأول في مسابقة الإنشاد، في هذه الدورة التي سبقتها ثمان دورات من التميز الإنشادي، لمبدعين أصبحوا بعد ذلك نجوماً..

 

منذُ الطفولة

وبعد استقبال وتدريب وتصفيات، يتأهل الأجدر إلى المربع الذهبي مع رهبة الخجل من هيبة المقام، ومن بين ثنايا التألق يطل عليكم المنشد محمد الروني الأول في مسابقة الإنشاد، ونصحبكم معه في وقفة استثنائية، يبوح فيها بتفاصيل مغامرة العشق التي خاضها، في مهرجان صاحبه الرسول الأعظم، الذي يقف الكون بما فيه إجلالاً له، فضلاً عن الحروف والألحان، فإلى تفاصيل حوارنا مع المنشد الروني، صاحب الصوت الشجي والأداء المتميز..

المنشد محمد الروني،  قبل أن يخوض غمار المسابقة في مجال الإنشاد، من هو؟ وما هي مسيرة حياته الإبداعية؟ وماذا تعني له المشاركة في مسابقات مهرجان الرسول الأعظم وفوزه بالمركز الأول؟ كل ذلك وأكثر يسرده لكم الروني في هذا الحوار اللافت، الذي يجريه مع موقع مهرجان الرسول الأعظم، للإبداع الفني والثقافي..

بدأت مسيرته الإنشادية منذ الطفولة، وهو في سن العاشرة، حيث بدأ الرحلة بأنشودة "قد قصدنا الرحمن"، في ظروف محفوفة بشحة الإمكانيات كأدوات التسجيل والأستوديوهات وما إلى ذلك، ويقول المنشد عن الصعوبات والمعوقات التي كان يمر بها المنشدين ككل: أنها تتمثل في "صعوبة ظهورهم إعلاميًا، وكذلك عدم وجود مؤسسات وهيئات تهتم بالجانب الإنشادي والإبداعي والثقافي، وخاصة من الجهات الرسمية".

مع الانطلاقة الأولى، يعتبر المنشد الروني الشيخ المرحوم محمد حسين عامر، قدوة له، بالإضافة إلى المنشد عبدالعظيم عزالدين، وهنا يؤكد الروني "فقد مثلوا بالنسبة إلي منطلقًا لمسيرتي الإنشادية من خلال الاستماع لأصواتهم وأداءهم المتميز، الذي أعتبره ملهماً لي حتى الآن".

 

بدايةُ الرحلة

وفور إعلان إدارة مهرجان الرسول الأعظم للإبداع الفني والثقافي، فتح باب التسجيل في مسابقات هذه الدورة، وتحديداً في الخامس عشر من محرم هذا العام، حينها كان المتسابق محمد الروني قد قرر المشاركة في المهرجان، وهو الذي كان شارك في دورة سابقة بيد أنه لم ينل ما ناله خلال هذه الدورة.

يبدأ المنشد محمد الروني رحلته مع مهرجان الرسول الأعظم للإبداع الفني والثقافي، ويتقدم مشاركًا بمقطع إنشادي من قصيدة "يا عين هذا السيد الأكبر"، ليتم قبوله من بين ثلاث مئة واثنين متقدماً لمسابقة الإنشاد من مختلف المحافظات، وينتقل برفقة زملاءه المتأهلين إلى مرحلة التدريب والتأهيل، الذي ضم برنامجاً تدريبياً مكثفا درس فيه المتسابقون المقامات الموسيقية، وتدربوا على الأداء، بغية صقل مواهبهم وتأهيلهم للظهور اللائق بمقام سيد الخلق، وبعدها مباشرة ينتقلوا إلى مرحلة المنافسة على منصة مهرجان الرسول الأعظم".

عند صعوده لتقديم مشاركته، يصاب أي متسابق بالتوتر والقلق مهما كانت خبرته وقدرته وقوة موهبته، فما بالك أن يصعد المتسابق على منصة مهرجان صاحبه الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، ليس خوفاً إنما خجلاً من عدم التمكن من الوصول إلى المقام الأعظم، مهما يعمل المتسابق، ومهما يقدم من الإبداع، وأيُ إبداعٍ بإمكانه وصف الكمال.

المتسابق محمد الروني يشير إلى عكس ذلك تماماً، فخلال صعوده على منصة مهرجان الرسول الأعظم يقول واصفاً مشاعره في تلك اللحظات: "كانت الأجواء روحانية بذكر الرسول الأعظم، فزادتني ثقة كوني في حضرة رسول الله، وبرغم التوتر الذي كان يعتريني إلا أنني أدركت أنه لابد أن أقدم نفسي أمام رسول الله بالشكل الذي يليق بمقام الرسول الأعظم عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم".

 

خوضُ الغمار

"بعد انتهاء التدريب المكثف انتقلنا إلى المرحلة الأولى من  المسابقة، وشاركت برفقة الزملاء فضل الغرباني، وعصام المحاقري، ومحمد سعد صالح،  في أداء مقاطع إنشادية من قصيدة واحدة بلحن واحد، وهي مشرب "رحم الله والديك"، وبفضل الله تأهلت إلى المرحلة الثانية، وكلما تقدمنا في مراحل المسابقة كانت المنافسة تشتد أكثر حيث كان الكل يسعى لتقديم أجمل ما لديه".

مع عصام المحاقري وعدنان الفرزعي وصابر القيسي، يخوض المتسابق محمد الروني غمار التنافس، على إيقاعات مشرب "أخصب الله بالرضى قبر طه"، ويصدح الروني مردداً  "دون باب العزيز قمت ذليلا، حسبي الله هل تراني دليلا، إن ذلي عزٌ وفقري غناءٌ، بالذي ينظر الكثير قليلا، وعن هذه المرحلة يقول الروني "برغم إصابتي بوعكة صحية، لكن بتوفيق الله وبركات الرسول الأعظم تأهلت للمرحلة النهائية في المسابقة".

بعد جهد وأداء مباشر، لمقطوعات من اختيار اللجنة، يقف المتسابق محمد الروني الآن في المربع الذهبي، وبجواره عصام با سلامة، وفضل الغرباني، وعدنان الفرزعي، وهذا الأخير لترنمه صدىً في أُذني المتسابق محمد الروني يصل إليهن، قبل أن يتجاوز عتبة المنصة إلى الجمهور.

 

من الفائز؟

في المربع الذهبي يخوض المتسابقون معركة تحديد المراكز، وهم في حضرة الرسول الأكرم، وفوزهم  بمحبته أكبر وأعظم من أي فوز آخر، وعن هذه المرحلة يتحدث المتسابق محمد الروني بقوله: "كانت المنافسة شديدة  لوجود أصوات رائعة ومتنافسين محترفين، وكذلك كنا أمام لجنة لها باع طويل في مجال الإنشاد والفن"، ويضيف: "الذي كنت أراه ندًا لي هو المنشد عدنان الفرزعي"، والفرزعي هو المتسابق الذي حصل على المركز الثاني بالمناصفة مع عصام با سلامة.

في المرحلة النهائية من المسابقة، يؤدي المتسابق محمد الروني وعدنان الفرزعي وعصام با سلامة وفضل السنباني، مشارب يا رب صلِ على النبي ما لاح برقٌ بليلٍ داجيا، ويا رب صلِ على أحمد مصباح الظلام، ويا دائم الإحسان، وذلك يوم الأربعاء، ثم يبقون على جمر الشغف لمعرفة الأول وبقية المراكز في المسابقة حتى الإعلان عن ذلك الخميس في حفل الاختتام.

 قبل أن يعلم من الفائز، يشارك الروني مع زملائه المتأهلين إلى المربع الذهبي في مسابقة الإنشاد والإنشاد للأشبال والشعر العربي، في أداء لوحة فنية، وأنتم الآن تقفون معه على أعتاب اللحظات الأخيرة، التي تعتبر بالنسبة إليه الأهم والأثمن على الإطلاق منذ انطلاق المسابقات.

 تلك هي مرحلة ما قبل إعلان اسم الفائز بالمركز الأول، يقول الروني عنها: " كنت في تلك اللحظات متوترًا بحق، فهي لحظات حاسمة، وكنت أيضًا اتوقع الحصول على المركز الأول أو الثاني، ولكن بفضل الله تعالى، حصلت على المركز الأول في مشاركتي بمحبة الرسول الأعظم، وإحياء ذكرى ميلاده الشريف، ويكفيني نيل هذا الشرف في حضرة الرسول الأعظم".

 

وماذا بعد؟

كان ذلك بعد أن جرى إعلان وتكريم الفائزين بالمركز الثالث والثاني بالمناصفة، والآن بعد تتويج المنشد الروني بالمركز الأول، وفي معرض سؤالنا له عما تعني له المشاركة في المهرجان والفوز يجيب بقوله "هذه المشاركة خطوة متقدمة في حياتي ودافع رئيسي للانطلاق في مجال الإنشاد بقوة، ونقطة تحول مسيرة حياتي الإنشادية التي أتمنى أن تكون في المستقبل زاخرة بالعطاء المحمدي، والتراث الإنشادي اليمني الأصيل".

المنشد محمد الروني، يعتبر المهرجان أنه الأول من نوعه والأنجح في الساحة، لارتباطه بسمو الرسول الأعظم، صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، ويضيف "المهرجان أضاف لي الكثير والكثير من الخبرة والفائدة والمعرفة، وعزز فيَّ روح المنافسة"، وبشأن دور المنشدين تجاه قضايا الأمة يقول المنشد محمد الروني: "المنشدون دورهم في واقع الأمة لا يختلف كثيرا عن دور المرشدين، فهم يحملون رسالة يجب أن تكون ذات علاقة بالواقع والمرحلة التي تمر بها الأمة".

بعد أن كنا معكم على مدار قصة صعود المنشد محمد الروني لنيل المركز الأول، بما فيها من تفاصيل شيّقة، يهون فيها التعب وبذل الجهد في حضرة سيد الخلق، الآن أنتم على أعتاب نهاية حوارنا مع منشد مهرجان الرسول الأعظم بدورته التاسعة، ولمنشدنا رسالة يرغب بإيصالها عبر هذا الحوار.

المنشد محمد الروني يقول "الشكر والتقدير والعرفان لسماحة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي يولي جل اهتمامه بهذا المجال، وشكري كذلك لإدارة المهرجان ومؤسسة الإمام الهادي بكل طاقمها، فقد كانوا في قمة الأخلاق والحرص على راحة المتسابقين، ووفروا كامل الاحتياجات، ومثلوا الإنسان الذي ينتمي إلى رسول الله ويقتدي به، كما أشكر لجنة التحكيم التي بذلت جهود كبيرة تجاهنا منذ التدريب وحتى المرحلة النهائية".

بعد أن أصبح نجماً، يحلق في سماء الإبداع الإنشادي، تتجلى النقلة التي أحدثها المهرجان بداخله، حيث يرسم مسار مستقبله، ويقول عن ذلك "إيصال حبي لرسول الله، وإحياء تراثنا الإنشادي اليمني الأصيل الزاخر بالألوان الإنشادية المتعددة والمتميزة التي لا يوجد لها نظير في الدنيا بكلها، والخوض في مجال الإنشاد بقوة، لنصل به إلى العالم برسائل سامية ومضمون هادف"، بهذه العبارات ينتهي حوارنا مع منشد المهرجان بدورته التاسعة، ولنبقى جميعاً على موعد يزورنا  خلال ربيع المولد القادم بإطلالة ذكرى مولد الرسول الأعظم، من نافذة الإبداع الفني والثقافي، بأبيات عابقة بالحب والولاء، وأصوات عاشقة للمصطفى، دمتم.